في رثاء صديق الجولان - طلحة حمدي - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


في رثاء صديق الجولان - طلحة حمدي

حامد الحلبي - 23\12\2012

حامد الحلبي

غيب الموت مؤخرا نجما من نجوم الفن الأصيل الراقي، والإبداع المتألق، والنفس الكريمة الأبية الشامخة، والوطنية الصادقة... هو المرحوم الأستاذ طلحة حمدي ... مختتما سيرة فنية زاخرة بالإبداع و الإنجاز امتدت حوالي ستين عاما.

المرحوم طلحة حمدي

و أسعدني الحظ أن جمعتني به صداقة عميقة، امتدت عشرات السنين، بدأت خلال عملي في التلفزيون السوري لمدة ثلاثة وعشرين عاما، مشرفا ومنسقا للبرامج التعليمية التلفزيونية الموجهة الى الجولان المحتل، ومعداً ومقدماً في هذه البرامج.

وبدأت هذه الصداقة حول الجولان المحتل، حيث كتبنا مسلسلا تلفزيونيا عنه، يتألف من حوالي عشرين حلقة، يتناول الاحتلال الإسرائيلي للجولان ونضال أهلنا فيه ضد الاحتلال، وهو دراما وثائقية محكمة في البناء الدرامي والتوثيق الدقيق. وكان جاهزا للتصوير في عام 2011 .
وكنا قد عملنا لإنجاز مسلسل عن الجولان منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وأعدنا صياغته وتقديمه مراتٍ ومرات ، ولكنه لم يُنجز لأسباب (بيروقراطية) يطول شرحها الآن. و نرجو أن يأتي يوم يتحقق فيه حلمنا هذا ، وان كان للأسف الشديد بعد وفاة الأستاذ طلحة.


تشييع جثمان طلحة حمدي إلى مثواه الأخير

لقد فجعت بموت هذا الصديق الرائع، الكبير بنبالته، وشهامته، وأخلاقه العالية، وصداقته الوفية، وحسّه الإنساني الهائل العميق، وإبداعه الفني الخالد المشرق، وحبه الكبير للجولان أرضاً وناساً، وحنينه الى ذكريات طفولته في بانياس /بلد أخواله آل الصالح/ ونهرها وبساتينها وبيوتها و أهلها...
إن أشخاصا كـ /طلحة حمدي/ يموتون جسداً فقط، ولكنهم خالدون في إبداعهم ، ومآثرهم وسيرتهم المنيرة.
فيا أخي طلحة: سيبقى عطر صداقتك ، ينعش قلبي ووجداني ما حييت ... فقد كنت يا أخي (أبو أحمد) أستاذاً من أساتذة الدراما في حياتك... و في مماتك أيضاً !!!

ومن هذه الأجواء كتبت الخواطر الشعرية التالية :

في رثاء الكبير - طلحة حمدي

فجيعةُ الإبداعِ قد حلّت بِـوَجْـدي
ملاعبٌ للفنّ ثَكلى في فتاها
عصامياً خطوتَ في فنٍ أصيلٍ
فكُنتَ من أسعدتَنا في كلّ لونٍ
تأليفاً ،وإخراجاً ،وتمثيلاً، تجلّوا
ونجماً على الشاشاتِ قد أمضيتَ عُمراً
بنبالةِ أخلاقكَ، عمّرت صَرْحاً
ولطالما أعطيتَ للمظلومِ صَـدراً
وللفسـادِ،والطغاةِ، كنتَ خصماً
لقد فجعــتُ فيك يا صِدقاً تجلّى
جمعتْنا صداقةُ العُـمـرِ ســنيناً
وحلْمٍ عن الجولانِ صُـغناه سـويَّا
لتوثيـقِ الإباءِ في أهلٍ أُباةٍ
ولَطالَما أحبَـبْـتهُم أرضاً و أهلا ً
سنبقى على الإخلاصِ في إيفاءِ عَهـدٍ
أبكي عليكَ... يا أخا الوُدِّ الحميمِ
عزاؤنا ما تركتَ: أعمالاً، وأهـلاً
بفَقْدِك..خسرتُ جزءا من فؤادي
  بفقدِنا للرّائعِ (طلحة حمدي)
بَكتْ على خيّالها في كل وِرْدِ
تنوعت ألوانُـه من كُلِّ وَرْدِ
مُتعدّد الإزهارِ في غورٍ و نجدِ
كباقةٍ للزّهْر في مُخْـضَرِّ عِـقْدِ
ونجماً على الأحبابِ من عِـطرٍ ونَدِّ
ومقصِداً للنُّبْلِ من قُربٍ وبُعدِ
ليأمَنَ في دفئِهِ من كلّ صَـدِّ
يرسِّخ النقاءَ في حُـبٍ وَوَجدِ
وصَديقاً مَكانُه في القـلبِ عِـندي
من التَّصافي الزَّاهِرِ في كلِّ ودِّ
حـقائقُه تجمَّعتْ فنّاً يُؤدي
على ثَرى الجولانِ قد شادوا التَّحدِّي
توهّجتْ نيرانُهم في كلّ قَيْدِ
حَمَيناهُ بجهدُنا من كُلّ ضِدِّ
و يا نوراً يشعُّ في وجه التّردّي
هما خلودُ ذِكركَ في كُلِّ عَهدِ
عليك رحمةُ اللهِ يا (طلحةَ حمدي)

حامد الحلبي